إعادة تأهيل مدمنى المخدرات يعد من أهم مراحل علاج الادمان على المخدرات، فهو بمثابة ترتيب الأفكار والسلوكيات وتجديد النشاط والحيوية وتحديد أهداف جديدة فى الحياة، ويكون لبرامج مثل العلاج المعرفي السلوكي، والدعم الذاتي أولوية فى إدارة تلك المرحلة.
تتم عملية إعادة التأهيل تحت إشراف طبي متخصص داخل بيوت إعادة التأهيل، وتكمن هنا قوة هذه المرحلة فى خلق بيئة جديدة للمريض أو ما يسمى "المجتمع العلاجي" للابتعاد عن البيئة التى تسببت له أو كانت أحد العوامل الرئيسية فى وقوعه فى الادمان على المخدرات، ويبدأ خلال هذه المرحلة التوصيفية بوضع المفاهيم والمصطلحات للشخص المدمن فى إطارها الصحيح والواضح، حتى يتثنى له معرفة حقيقة أن البيئة لها دورًا غير عادى فى تشكيل قرارات الشخص، ولكن لا تكون "شماعة" يُعلق عليها أخطاءه، لأن من ضمن الأخطاء الشائعة أن العشوائيات جاذبة للسلوكيات الخاطئة منها الادمان على المخدرات، ولكن المقصود بالبيئة هنا هو كيف يتعامل الشخص مع المؤثرات التى حوله؟ فهل يستجيب للمؤثرات والسلوكيات المغلوطة ويتمادى فيها من باب أن هذه هى البيئة، أم أنه مهما كانت البيئة التى عاش فيها سيئة وجاذبة للمنكرات، فهو بمنئي عنها، ويحاول أن يقاوم مثل هذه الأفكار غير الصحية.
ومن هنا تبدأ خطوة أخرى باللعب على مستقبلات العقل من خلال إعادة تأهيل العقل نفسه، بما يتناسب مع المرحلة العلاجية للمريض على الادمان، وتكون بالتغيير السليم، وإسعافه مما وقع فيه بشكل سريع وعاجل.
قد يكون هناك ما يسمى الادمان النشط، وهو تطور طبيعي أثناء مراحل العلاج، لكن خلال إعادة تأهيل مدمنى المخدرات يحرص الفريق الطبي المتابع للحالة أن تكون هناك ملاحظة دائمة، خاصة لأن مرحلة سحب السموم من الجسم تعد أخطر المراحل التى تستدعي ذلك، نظرًا لخطورة الأعراض الانسحابية الناتجة عنها، ومن هنا لابد من إيقاف ما يسمى "الادمان النشط" الذى قد يفاقم المشكلة الادمانية لدى الشخص المدمن.
إعادة تأهيل المدمن على المخدرات تكون من خلال عدة أساليب لها بالغ الأثر عليه خلال رحلة العلاج من الادمان، ويعد العلاج الجمعي أو الجماعي من أهم تلك الأساليب التى تحقق أكبر نسب تعافي على مستوى العالم، وترجع أسباب نجاحه فى خلق البيئة الطبيعية التى يمارس فيها المريض حياته بكامل إراداته دون وضع قيود وشروط تعجيزية، تمكنه من استخدام وات وتفعيل مهارات تساعده فى رحلة العلاج على الابتكار والتغير والنمو، وهى سلسلة نفسية هامة لتفعيل دور إعادة تأهيل مدمنى المخدرات.
تتيح بيوت إعادة التأهيل من خلال برامج مثل الإقامة الكاملة للرجال، الإقامة الكاملة للإناث، وبرامج أخرى، العديد من الميزات التى تُسهم بشكل فاعل فى خروج النتائج العلاجية فى صورتها المطلوبة، حيث تضمن لك هذه البرامج عدم التعرض بشكل أو بأخر لنفس البيئة أو التعرض للأشخاص أو العيش بالأماكن التى كانت سببًا فى الادمان وتفاقم المشكلة، لكن البيئة العلاجية التى توفرها لك تلك البرامج، تضمن لك أفضل نتيجة يحتاجها مريض قرر العلاج ثم التعافي ثم الخروج للمجتمع من جديد.
يتم داخل بيوت إعادة تأهيل مدمني المخدرات عمل جلسات علاجية للمرضى من خلال "جروبات" يشتركون فيها سويًا للانضمام إلى فريق المساعدة فى الامتناع عن التعاطي والادمان، والمقصود هنا بالفريق هو أن يكونوا جزءًا من المشكلة والحل، وليسوا وسيلة لتحقيق غاية لدى الفريق العلاجي وفقط.
تكمن قوة إعادة بيوت التأهيل أيضًا فى تغيير السلوكيات بصورة شبه كاملة لدى المريض، حيث يتم التعامل مع السلوكيات النفسية، العادات اليومية، التفاصيل الحياتية، والمغامرات غير المحسوبة، مثل تجربة نوع مخدر جديد دون معرفة أضراره، برغم العلاج والنقاهة.
تقوم بيوت إعادة التأهيل أيضًا من خلالها برامجها المختلفة، بتعليم الشخص المدمن طرق جديدة فى الإدارة، والمقصود هنا هو كيفية إدارة المشكلات الشخصية، الأسرية، وفى العمل، من خلال الانضباط وجعل الأهداف والقيم هى التى تدير حياتي، وكيف يكون للتحكم فى السلوك وتغيير النظريات والأفكار دورًا فى التغيير الشامل للحياة التى قررت أن أخوضها.. ولكن بصورة صحيحة قدر المستطاع، دون اللجوء إلى الأشياء "المخدرات" التى تسبب لي أضرارًا نفسية وجسدية، بداعي الهروب من الواقع أو باعتبارها وسيلة لإرضاء النفس.
توفر لك بيوت إعادة التأهيل برامج رياضية، ترفيهية، تساعدك فى ممارسة الرياضة كى يعمل الجسم والعقل بصورة نشيطة، لتخرجك من حالة الكسل والتوهان التى سببها لك الادمان على المخدرات، إلى الخروج بصورة تضمن لك التفاعل والاندماج مع المجتمع